مصر تشارك فى رصد مخلفات الفضاء.. اتفاقيتان مع الصين وروسيا لتجديد التليسكوب الفلكى

image4كثيرون لا يعرفون أن المخلفات الفضائية التى تصل من السماء الى الأرض، وقد تدمر المناطق التى تسقط عليها، ناتجة عن ارتطام أو اصطدام الأقمار الصناعية التى ينتهى عمرها الافتراضى بعد انجاز مهمتها وقد تصيب أى مكان على سطح الأرض اذا سقطت عليه، وأخيرا وقعت بعض تلك المخلفات الفضائية على منطقة أرض خالية من السكان بالمنوفية مما خفف الأضرار لعدم سقوطها على مناطق مأهولة بالسكان، ومن أجل تجنب أى أضرار محتملة يجرى حاليا تجديد المرصد أو التليسكوب الفلكى الذى أنشئ عام 1903، بتليسكوب أكبر من أجل رصد المخلفات الفضائية، وذلك من خلال كاميرات موزعة فى مناطق القطامية وحلوان والمركز الإقليمى بالسويس وفق تحالف تعاونى مع هيئة الاستشعار من البعد، وذلك لحماية السماء والأرض المصرية من مشاكل وتوابع حدوث أى ارتطام محتمل للأقمار الصناعية أو خروجها عن مداراتها، كذلك يهدف لرصد بعض الظواهر الطبيعية مثل الشهب والنيازك والمذنبات لحماية البيئة من ارتطامها.

أوضح الدكتور جاد القاضى، رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أهمية هذا التليسكوب، مؤكدا أن مصر من أوائل الدول المشاركة فى غزو الفضاء منذ بدايات القرن الماضى حيث شاركت فى إعداد المعلومات الفلكية من خلال مشاهدات التليسكوب المصرى التى ساعدت فى الصعود لسطح القمر ضمن رحلات وكالة «ناسا» الفضائية وحصولها على قطعة من صخوره هدية من قبل وكالة ناسا والتى تم وضعها فى المتحف الجيولوجى فى زهراء المعادى.

وصرح أن المعهد عقد اتفاقيتين إحداهما مع الجانب الروسى لتطوير تليسكوب القطامية وإجراء عمليات «سوفت وير»، والاتفاقية الثانية مع الجانب الصينى لإمدادنا بتليسكوب ليزر قطره 1.2 متر، وسيتم به تجديد محطة حلوان وهو تحت التجهيز لرصد الحطام الفضائى.
وجار العمل حاليا لإنشاء المحطة الخاصة برصد الأقمار الصناعية والحطام الفضائى بالليزر على غرار محطة شانج شون بالصين، ومن المتوقع أن يكون قطر التليسكوب 120 سنتيمترا حيث تم الاتفاق والتوقيع للتعاون مع الجانب الصينى ممثلا فى مرصد الفلك القومى بالصين التابع للأكاديمية الصينية للعلوم على إنشاء المحطة، وبإنشاء هذه المحطة ستكون المرة الأولى لرصد الحطام الفضائى بالليزر فى مصر، هذا بالإضافة إلى الإمكانات المتعددة لهذه المحطة حيث يمكن بواسطتها رصد الأقمار الصناعية العالية الارتفاع والتى يصل مداها إلى 40000 كيلو متر، ويمكن استخدامها لإجراء الأرصاد ليلا ونهارا على حد سواء.

ومن الجانب الروسى، قال الخبير ايجور فيكتور من معهد كلدش انه يتم إجراء ربط بين التليسكوب والسوفت وير الخاص بالكاميرا من خلال عدة أوامر يتم تحضيرها، وقد أثنى على التليسكوب الموجود بالمعهد وقطره 30 سنتيمترا، حيث أشار إلى أنه يمكن استخدامه فى أغراض علمية متعددة، وهو مشابه لتليسكوب لديهم فى روسيا قطره 25 سنتيمترا.

عمر افتراضى
ولبيان طبيعة المخلفات الفضائية، يوضح الدكتور الباز أبو المجد الأستاذ المساعد بالمعهد أن المركبات الفضائية التى يتم إطلاقها لإجراء مهام علمية أو بحثية يكون لها عمر افتراضى وبعد أدائها لمهامها لا يمكن استرجاعها لأنه غالى التكلفة، بل يزيد على تكلفتها الأصلية وبالتالى تترك فى مداراتها وقد تخرج عن مدارها أو ترتطم بأخرى تعمل وبالتالى تفقده قيمتها، وهناك آلاف من المركبات والأقمار الصناعية التى انتهى عملها لكنها تدور فى مدارات مختلفة وتصبح جرما سماويا، لذلك كان لابد من البحث العلمى لرصدها ومتابعتها بالمراقبة لاتخاذ اللازم عند

وقوع التصادم.
وأوضح الدكتور مكرم إبراهيم خليل، رئيس قسم أبحاث الشمس والفضاء بالمعهد أن عملية رصد الأقمار الصناعية والحطام الفضائى يتم بالتليسكوب من خلال طريقتين إحداهما يطلق عليها «الرصد البصرى» وفيها يتم وضع قاعدة من البيانات الخاصة بالحطام الفضائى أو الأقمار الصناعية المطلوب رصدها، وفى هذه الطريقة تستخدم كاميرا مقترن الشحنة أو سى سى دى (CCD ).
والطريقة الثانية معروفة بـ «الرصد باستخدام أشعة الليزر» والمقصود به حساب الزمن الذى يستغرقه شعاع الليزر للوصول إلى القمر الصناعى والعودة مرة أخرى إلى موقع المحطة الأرضية، ففى رصد الأقمار الصناعية أو الحطام الفضائى بأشعة الليزر، يوجه شعاع الليزر إلى القمر الصناعى المراد تتبعه، ونظرا لوجود مرايا عاكسة على أسطح الأقمار الصناعية فهى تساعد على ارتداد شعاع الليزر مرة أخرى إلى المحطة حيث يتم تجميع الفوتونات المرتدة عن طريق مستقبل التليسكوب، ويقوم العداد الزمنى بحساب الزمن الذى استغرقه شعاع الليزر منذ لحظة انطلاقه من مولد الليزر الموجود بالمحطة وحتى العودة مرة أخرى اليها وبالتالى يمكن حساب مدار القمر الصناعى.

دراسة المدارات
وعن طبيعة الدراسة البحثية لمتابعة المخلفات الفضائية تشير الدكتورة رشا غنيم أستاذ مساعد ديناميكا الفضاء بالمعهد إلى أنه لابد من دراسة المدارات القريبة للأرض باستخدام أقمار الاتصالات أو الاستشعار عن بعد، لبحث طرق التحكم فى تلك الجسيمات لأنها تسير عشوائيا ويمكنها أن تخرج عن مداراتها وتسبب أضرارا بالبيئة، ويمكن القول إن النفايات الفضائية ذات المعلومات المسبقة يمكن تحديد عمرها الافتراضى وأماكن وقوعها وخروجها عن مداراتها، وأيضا يمكن تغيير حركة مدارها ومسارها بحيث تقع فى أماكن بعيدة أو غير مأهولة بالسكان، ولذلك فالخبراء الروس سيقومون بضبط التليسكوب من خلال المتابعة معنا، وسيتم التنفيذ من خلال تعاون بين الجهات المختصة

لوضع رؤية كاملة للمنطقة.
مصاف الدول العظمى
وعن الدور العلمى لتليسكوب القطامية أوضح الدكتور أشرف لطيف تادرس رئيس قسم الفلك بالمعهد أنه سيكون مركزا للتدريب على الارصاد الفلكية للمصريين والعرب، من حيث تحليل البيانات والأبحاث، وسيتم استبدال مكان التليسكوب الحالى بمكان آخر تحت الدراسة، وقد وضعت له عدة مواصفات طبوغرافية لأنه سيتم تركيب تليسكوب جديد وفق الاتفاقية مع الجانب الصينى، وهو تليسكوب آخر غير الخاص بالنفايات، فهو لرصد أعماق الفضاء لآلاف السنين الضوئية التى تصل إلى 30 ألف سنة ضوئية وحجمه 3 أضعاف التليسكوب الحالي، حيث يصل قطره إلى 6.5 متر ومرآته تصل إلى 2 متر، وهو يضع مصر فى مكانة بين مصاف الدول العظمى لرصد أعماق الكون، وقد حددت بعض المؤشرات للمكان المخصص له شريطة عدم الزحف العمرانى على المدى البعيد بمقدار زمنى 100 عام مقبل، ويكون ارتفاعه 1000 متر وله طريق للقمة وبلاتوه يسمح البناء عليه، وأقرب منطقة سكنية على مسافة 50 كيلومترا.

الاستشعار من البعد
وعن دور الهيئة القومية للاستشعار من البعد كأحد الأقطاب المتعاونة مع معهد الفلك فى رصد المخلفات الفضائية أوضح الدكتور محمد زهران رئيس الهيئة أن الدور العلمى والتطبيقى للهيئة يتمثل فى تصنيع وإطلاق بعض الأقمار الصناعية الأوروبية، والمستخدمة فى أغراض متعددة لتحقيق التنمية المستدامة سواء فى قطاع الزراعة أو الجيولوجيا والأمن والطب، لذلك فهى تقدم البيانات التى تخدم استراتيجية 2030، وعادة يكون لتلك الأقمار التى نطلقها عمر افتراضى بعدها تعتبر مخلفا فضائيا، لذلك نركز فى توحيد الدراسات والأبحاث مع معهد الفلك لاستكشاف تلك المخلفات والتخلص منها بطرق علمية وغير ضارة بالبيئة.